الخميس، 28 مارس 2013

ورقة صفراء... ( قصة قصيرة فى يناير 2007)





هذا الصباح ..
فنجان القهوة السمراء ، أقلام سوداء و أخرى حمراء و لوحة ورقيه كبيرة ، مسطرة كبيرة .. أوقضتهم مبكرا.
وورقة في إغفاءة صفــراء تتباهى بشظاياهـا الرمادية.
على غير عادتي احتسيت فنجان القهوة بسرعة.
أغلقت باب غرفتي ..
ينتثــر الضــوء..
تستطيل الملامح .. 
وينسكب بين الأضلاع أريج ، أعود أغزل خاصرته.

أخرست الهاتف النقال ، البرد يتسلل من تلك النافذة المفتوحة ، ربما يود مشاركتي  شيئا من أسرار الحديث.
توقفت قليلا ، تأملت الورقة إياها ، فكرت قليلا .
و أخيرا .. أفردت اللوحة الورقيه ، رسمت إطارا باللون الأسود ، أحطت الإطار بإطار آخر ، وتركت مساحة فارغة في أعلى اللوحة .
بدأت أسطر اللوحة جيدا.
و في  أعلى اللوحة رسمت قلبا ، ثم رسمت سهما يخترق ذاك القلب – تماما كما رأيته – و في مقدمة السهم كتبت بالإنجليزية حرف الــ (M) و في نهاية السهم رسمت حرف الـ (A) وأسفل ما رسمت كتبت بالإنجليزية باللون الأحمر ..
(I LOVE YOU)
توقفت قليلا أُراجع ما كتبت ، أحضرت المسطرة ، أخذت خطا سميكا ، و رسمت قوسين و بين القوسين كتبت ...
" من الجميل أن يكون لك قلب أنت صاحبه
لكن من الأجمل أن يكون لك صاحب أنت قلبه "
تماما كما رأيتها و نقلتها بالورقة إياها ...!
كان ينتظرني ريثما أنتهي بلبل صغير.
كان يزورني بالسر ...! ومن جديد أحضرت المسطرة، اخدت خطا سميكا، رسمت دائرة، و بداخل الدائرة كتبت ..
                                 " إن لم تخطط لحياتك فقد خططت لفشلك "
تماما كما رأيت ..
أحس بلحاف الفرح يدثرني ..!
لا أدرى لماذا ..!
يبدو أن فكرتي في طريقها للنجاح.
يــا رب.
أخذت خطا سميكا للمرة الثالثة ، و رسمت مستطيلا ، سطرت المستطيل جيدا ، وبداخله كتبت - تماما كما رأيت - بالإنجليزية ...
 ADD LIFE TO DAYS .. NOT DAYS TO LIFE

تأملت جيدا ما كتبته ، اكتشفت أن اللوحة لن تكفي ...
حسنا سأصغر حجم الخط قليلا .
يمتد بي الوقت و أنا منهمك فيما أفعل ، أنظر في الورقة و أنقل ما بها في اللوحة.
و ما بين الحين والأخر أسمع الصوت يطرق جنبات عقلي :
أتمنى أن أنجح  فيما أفعل ، أتمني .
أعرف تماما أن خطي ليس بالحسن ، كما أني لم أجرب من قبل كتابة اللوحات الكبيرة تلك ، ولست متأكدا هل سيوافق المسئولون في جامعتي على ما أفعل أم لا ...؟
توقفت قليلا ، أقتربت من النافذة حيث الستائر تلاعب الغرفة و نظرت إلى السماء .
يا رب .. كن معي.
يـــا رب.
و من أول السطر كتبت بالقلم الأسود وبخط سميك – تماما كما رأيت -

" الإسلام هو الحل شرع الله عز و جل "

و بسرعه شطبت على ما كتبت – تماما كما رأيت - و بخط مائل و باللون الأحمر كتبت
 "الإنسان هو الحل "  - تماما كما رأيت - .
يصعد الزفيـر ..
آخذ نفسا عميقا ، أتوقف عن الكتابة ، أجلس قليلا ثم أقف، أُعد قلمي ، ثم آخذ خط سميك ، ومن أول السطر:

" الحزب الوطني في مصلحتك و المستقبل لك "

أرسم أربع علامات ×××× –  تماما كما رأيت –  و أكتب بنفس القلم  عبارة تقول:
                                         "تسقط المحسوبية" – تماما كما رأيت –.
الآن..
اكتملت اللوحة ، لم يبق سوى مكان صغير بالكاد يكفى لما تبقى ، لكنه لم يكن ُمسطرا، أحضرت المسطرة ، سطرت جيدا.
و من أول السطر فتحت قوسا لأتبعه بآخر بعد ما سأكتب.
 نظرت إلى الورقة إياها و جدتهم سيفين و ليس قوسين ، مسحت القوسين ، رسمت السيفين ،
 وبين السيفين كتبت ...

فلســـطين من البــحر إلى النــهر

ابتعدت قليلا ، شاهدت اللوحة من بعيدا ، من بعيد تبدوا الصورة في مجملها.
هناك  في أعلى اليسار ...
لازال هناك مكان فارغ  لم يبتلعه الحبر ، ابتسمتُ ابتسامة خفيفة، وأخذت القلم الأسود ، ورسمت مثلثا ، وبداخل المثلث رسمت باللون الأحمر علامة تعجب (!).
المثلث و ما بداخل هو وليد بنات أفكاري الخاصة ..!
أما كل ما سبق من عبارات ، رسوم ، قلوب ، علامات (×) ، خطوط مائلة أو حتى (شخابيط)  فقد نقلتها كما هي من ورقتي دون تعديل ..
دون إضافة..
دون حذف..
تماما كما رأيتها.
و كأن هذا المثلث و ما بداخله من تعجب هو تعليقي الوحيد على ما رأيته مخطوط أو مرسوم بأقلام لا أعرف أصحابها ، مخطوطه بصورة سيئة غير لائقة على جدران مبان الجامعة العريقة القديمة و أخرى على مقاعد مدرجات الجامعة ..!!
أحسست بالأسف و ربما بعض الحزن ..
بل هو زحام الغضب ، حوائط الجامعة ترتدي ثوبا من الفوضى، و ربما التخلف بهذه السلوكيات السيئة.
و بسرعة أحضرت لوحة أخرى ، قطعتها نصفين ، و في النصف الأول رسمت إطارا سميكا ، وبالخط العريض كتبت ..
أخواني الطلاب....

كلماتكم جميله..
  مشاعركم رقيقة..
 آراؤكم حق لكم..
لكنها شوهت جدران جامعتنا...!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في لوحة صغيرة يمكنك أن تكتب ما تريد و تثبتها أينما تريد
و تحافظ على جمال المكان ..."من فضلك لا تؤذينا معك"

أما الآن فصرت سعيدا ، أحسست بأني شخص إيجابي ، أحسست بالسلبية تحتضر بداخلي .
و مرة أخيرة تأملت اللوحة جيدا.
ابتسمت ، اندلقت ضحكة مني .
النافذة لا زلت مفتوحة والبلبل يغرد أرجوانا ..
بسرعة أحضرت النصف الثاني من اللوحة الثانية ، ثم ثبته أعلى مكتبي و بالخط العريض كتبت  بالعربية ...

" فلنضـــيف الحيــاة إلى الأيام ... لا الأيــام إلى الحيــاة "

و أخيرا رسمت إطارين و ابتسمت
 :) :)


ليست هناك تعليقات: