السبت، 19 مارس 2011

اكتب عن ماذا ؟



اكتب عن ماذا ؟

عن الحب ، عن الصداقة ، عن العلاقات التي تنشأ رغم بُعد المسافات و تستمر و تتطور رغم اختلاف الظروف و البيئات و الثقافات أم اكتب عن الحاكم الذي صار مخلوعا .. يستهويني الأخير لأنها ستكون تجربة جديدة كنا نعدها بعيدة المنال و صعبة الحدوث أما و قد صارت حقيقة فإنها بالنسبة لي تكون أشبه بمغامرة بلا هدف واضح و بلا خطة معدة من قبل و المغامر هنا - الذي هو أنا - أقصي ما يصبو إلى هو مجرد محاولة جريئة لتدوين ما كان يعتبره الناس بالأمس تدوين يستحق العقاب و يستحق السجن و التعذيب.

أكتب عن ماذا ؟

عن ميدان التحرير ، عن شهداء التحرير ، عن القلوب الصادقة التي ملئث الميدان بأسمي معاني الحب و أيقظتنا من غفلتنا لندرك من جديد أن الحب فى أعظم معانيه هو حب الوطن ॥ أقول أنه ميدان الحب و فى ميدان الحب كنا نمارس الحب .. نصرخ بأعلى أصواتنا أننا نحبك أيها الوطن .. نردد بحب أناشيد الوطن .. و بحب نكتب علي صدورنا هموم الوطن .. و نسهر نحرس ميدان الحب .. و بحب نتقاسم الخبز و عُلب الجبن .. و بحب نتوضأ و نقيم الصلوات و بحب نستمع للقداس ।

لندير دفة الكتابة قليلا ، نديرها للوراء هذه المرة ؛ لنقلب فى الصحف القديمة و الأوراق القديمة ، فى الورقة الصفراء المكتوب أعلاها " أحب اللذين يتألمون ॥ و المتبوعة بالتعليق الجميل ॥ دليل حياة ॥ و فى الأصيص البنفسج http://www.jasmine4.ws بتوقيع أفنان الشاعري ।

أحب كثيرا كثيرا هذه الكلمات ..

أننا نتألم فهذا يعني أننا نملك بداخلنا قدرة فطرية أوجدها الخالق بداخلنا تتتغير و تتأثر بمسببات الألم ॥ مسببات الألم فى حياتنا متعددة و متشابكة أحيانا ॥ كأن تتألم أنت أو تتألمي أنتي عندما تشاهد أوتشاهدي أحدهم و قد خرج يصرخ مناديا بحياة كريمة ليجد من يطارده و يضربه و يعاقبه و يودعه حجره ضيقة مغلقة مظلمة مكتوب أعلاها زنزانة ।

هذا الذي خرج رغم أنه يدرك ان حياته فى خطر خرج فى الحقيقة لأنه يتألم لحاله أو لحال غيره أو لحال بلده .. يتألم من الفقر يتألم من الظلم يتألم من القمع يتألم من الكبت يتألم من السرقة و الفساد و المحسوبية ..يتألم من مشهد يتكرر كل يوم عندما تدفع الرشاوي لتكون جسرا يعبر عليه سارقي الوطن ليتم مسلسل السرقة .

يتألم و يعبر عن ألمه .. يتألم معه الكثيرون و يتألم له الكثيرون فتتسع دائرة الألم و كأن الجميع يودون لو يصرخوا : آه آه آه آه من الألم

يخرج المحللون من مكاتبهم و يقولون أن المجتمع يتألم.

ينتشر فى المجتمع ما يسمي بحالة من الألم ، تتوجه جهود الأفراد بحثا عن مصدر الألم ، يتوافد المتألمون ، يزدادو ،يصرخون و تعلو صرخاتهم و تعلو و تعلو. إلى أن يزول الألم و تعود الحياة إلى طبيعتها.

و أعود لأكتب " أحب اللذين يتألمون .. دليل حياة " و أكتب بعدها توقيع أفنان.

يمكننا ان نتخيل حياة بلا ألم ، يُصر الفلاسفة أن حياة بلا ألم أمر محال حتي بالمدينة الفاضلة كان هناك ألم، القادة العظام يتألمون ليصلو إلى ما يريدون ॥ نيلسون منديلا ذاق الألم لأكثر من عشرون عاما بحثا عن الاستقلال و يوسف الصديق ذاق الألم ليصبح عزيز مصر و نبي الله ابراهيم ذاق الألم ليصل لحقيقة الخالق و وحدانية الرب و أهل الكهف في سورة الكهف ذاقوا الألم و خاضو الصعاب ليعلنوا أن عبادة الأوثان هي تحقير و إذلال للجنس البشري صاحب العقل و الفهم و الإدراك و الشهيد أحمد ياسين ذاق الألم فقط لتبق كلماته مدوية تزلزل دولة الباطل و تنفي أي حق للظلم و ان الحق هو الحق و ان الحق أن فلسطين حقا من البحر إلى النهر ॥

الكل يود لو يكتب ما معناه : أنا أتألم .. أنا أعيش .. تماما مثل أنا أفكر .. أنا أعيش.