الثلاثاء، 27 ديسمبر 2011

يوما ما سأُهدي هذه الأغنية لزوجتي ..

يوما ما سأُهدي هذه الأغنية لزوجتي ..

و ستكون أجمل لحظات حياتي ..

اللهم أقدر لنا الخير ..



ComScore

عن الإختلاف و التنوع


ما سأتحدث عنه فى هذه الكتابات أمر مهم وضروري لأنه يحدث و يتكرر كل يوم .. يحدث على كل المستويات، يحدث فى العمل و فى الشارع و يحدث فى المسجد و الكنيسة، كما أنه يتكرر فى البيت و النادي ، يتكرر بين زملاء العمل وزملاء السكن وزملاء الفراش أيضا.

و السبب الرئيسي أن الخالق سُبحانه و تعالي خلقنا و أوجد فيما بيننا مساحة كبيرة من الأختلاف و التنوع .. إختلاف فى الأرآء و الأفكار .. إختلاف فى الشكل و الهيئة .. إختلاف فى المشاعر و الأحاسيس و العواطف.

و من عظمة الخالق و عظمة الخلق أنه لم يخلق أحد متطابقا لأحد .. إنها عبقرية الخلق و عبقرية الصنع و التي تؤدي بدورها إلى عبقرية هذا المخلوق .. علينا أن نعرف و نعترف أن الذي خلقنا عظيم جدا جدا و أننا جميعا نحوي بداخلنا ما هو عظيم و قيم و راق جدا جدا.

لا أستطيع و لا نستطيع أنا نتخيل أو نتصور حياتنا بلا خلاف أو إختلاف ..

لن تصح هذه الحياة أبدا و لن يكون لها معني و لا قيمة و لا فائدة لأننا حينها سنكون صورا كربونية متطابقة لها نفس الشكل و اللون و الفائدة.

و لنتخيل أننا نسخا كربونية واحدة لنا نفس الشكل و اللون و الفائدة .. ما الجديد إذن ؟

ما الذي سينتج من تفاعلنا مع بعضنا البعض إذا صرنا هكذا .. إذن هو تفاعل عقيم و بلا فائدة و بلا جدوي حقيقية، إننا لم نسمع أبدا أننا إذا أضفنا كوبا من ماء إلى كوبا من ماء فإنه سينتح لنا عسلا أو خمرا، لكننا لو أضفنا الماء إلى بعض السكر سينتج لنا مشروبا له مذاق حلو .. هكذا نحن تماما عندما نتفاعل مع بعضنا على اختلافنا و تنوعنا فإننا سنُنتج نواتج جديدة و هذا هو ما يعطي الحياة معني التجديد و هذا هو ما سيضمن لنا وجودنا و تطورنا.

لا أستطيع أن أتخيل أننا نسخا كربونية كما أني لا أستطيع أن أتصور أننا يجب أن نحول الحياة و ما بها إلى خصام و قطاع و بؤس و كآبة لأننا مختلفون ..

إن زوجا يُشجع الفريق الأهلي تزوج بواحدة تشجع فريقا كالزمالك ثم افترقا لأن السبب هو اختلاف الفريق المفضل لكل منهما ..

لا أستطيع أن أتخيل أن الجيران المقيمون فى بيوت متلازمة متجاورة لا يُحادثون بعضهم البعض و لا يتزاورون و لا يُقيمون العلاقات الإجتماعية الواجب إقامتها بين الجيران و بعضهم فقط لأن أحدهم يحمل فكر و انتماءا سياسيا يختلف عن الآخر ..

و هل يصح إن حدث أن رجلا يهجر زوجته و يتركها لأنها تتبني فكرا و ثقافة تختلف عن ثقافته و أفكاره ...

إن كل ما ذكرته هذا و أكثر يحدث و يتكرر و هنا تظهر المشكلة ..

و المشكلة كما أراها ليست فى الخلاف ذاته، و لكنه فى طريقة تعاملنا مع الخلاف و ما يترتب عليه .

و الحقيقة أن هذه المشكلة تظهر و تتضح و تحتد فى المجتمعات الجاهلة أكثر من المجتمعات المُتعلمة و لذا أنا أزعم أنه كلما زادت معرفتنا كلما صرنا أقدر على إدارة الخلاف و الاستفادة منه و توظيفة لتفجير الطاقات و القدرات و توليد الإبداعات و تحقيق الإنجازات و الأهداف و الحصول على قدر أكبر من السعادة و الرضا النفسي.

كيف ؟

هذه ما سأتحدث عنه بعد قليل ..

هناك حقيقة أخري من أسباب هذه المشكلة و هي عدم فهمنا لفكرة الإختلاف نفسها، و عدم فهمنا لفلسفة الإختلاف، و الأهم هو عدم فهمنا أصلا لطبيعتنا كبشر .. نحن فى حاجه لأن نُعيد فهم و إكتشاف ذواتنا و نعيد التفكير و التأمل فى أنفسنا .. فى كل ما بأنفسنا ..

منذ أكثر من سبع سنوات و بالتحديد منذ العام 2005 و أنا أمارس العمل الجماعي فى شكل فرق العمل .. و قد كانت كل فكرتي عن فرق العمل أنه يجب على كل أفرد الفريق الواحد أن يكون لهم نفس الفكر و الرأي و التوجه، لكننا عندما كنا نبدأ و نتناقش و نُرتب و نُخطط و نرسم وسائلنا و أهدافنا كُنت أجد أنه لا أحد يُشبه الأخر، و لا أحد مثل الآخر.. و توصلت بعد مدة طبعا أنه لا يجب أن نكون متشابهين .. بل أنه لولا هذا الاختلاف لما استطعنا أن نُنجز الكثير من الأعمال ونُحقق هذه الانجازات و الأهداف التي كنا مسؤلون عنها .. هذا تم و تحقق بفضل الاختلاف فيما بيننا .. أنه يخلق شكلا من أشكال التنوع و هذا التنوع بدوره يُولد أفكارا متنوعة و أحاسيس متنوعة و قدرات متنوعة فيصبح الفريق الواحد عبارة عن مجموعة من الأفكار و الأحاسيس و القدرات المتنوعة و هذا بدوره يؤدي إلى شكل من أشكال التكامل لو أحسنا أستخدامه و قد يخلق شكلا من أشكال التناحر لو أسئنا أستخدامه ..

أنا مثلا أجيد بكل كفاءة إدارة الأزمات، و من معي فى نفس الفريق تصيبه الأزمات بالتوتر و الارتباك، و لنا زميل آخر يري فى الأزمات أجمل و أفضل فرصة، و آخر معنا يُجيد حفز الهمم و تشجيع العقول بصرف النظر عن الحالة التي نمر بها ، وآخر يُجيد تنفيذ الأوامر و التكاليف .. أنه يُخبرنا بكل صراحة أنه هو العضلات ونحن المخ .

ما هو أغرب من هذا أن كل ة واحد منا ينتمي لبيئه مُختلفة تماما عن الآخر ، أنا تربيت فى المدينة و صخبها بين المحلات و النوادي و الأكلات السريعة، و آخر تربي فى الأرياف .. حقل و زرع و مواشي، و آخر ولد و نشأ بخارج مصر .. كان بالمملكة السعودية و أخر عاش صغره كله في بلاد الفرنجه ببريطانيا ..

و لتنوعنا الرائع هذا .. جمعنا فريق عمل واحد مُتعدد الثقافات و الأفكار و الأحاسيس و المواهب ..

أقول اننا أحيانا نشبه أقطاب المغناطيس .. الأقطاب المتشابهة تتنافر و تتباعد و لا تلتحم و لا تتحد، أما الأقطاب المختلفة فإنها تتجاذب و تتحد و تلتحم و تصبح قطعة واحدة .. تصبح أكبر و أعظم و أكثر قوة.

دائما أحب لكتاباتي أن أدعمها بمواقف من حياة النبي محمد صلي الله علية و سلم بصفته أحد أعظم الناجين فيمن عرفناهم و قرأنا عنهم .. أتوقف فى حياته عند غزوة الأحزاب بعد أن تحالف الأعداء للقضاء عليه و حاصروه وكادوا يقضوا عليه إلا أنه استعان بالله ثم بخطة لم يستخدمها العرب من قبل ، كانت خطة سيدنا سلمان الفارسي الذي جاء من بلاد فارس و أسلم، و الذي اقترح أن يحفر النبي و أصحابة خندقا حول المدينة كأحد التقنيات الجديدة و الفعالة فى صد الأعداء و نجحت الخطة .. ما يجبأن يقال هنا أن هذا التنوع الحاصل فى أفكار و ثقافة أصحاب النبي هو الذي أدي لهذه الفكرة أن تُنفذ و يستفيد منها كل المسلمون .. أنه الاختلاف و التنوع و نتائجة الرائعة.

كما يقولون أن أعظم أحداث التاريخ هي نتاج تكامل و ترابط و مزيج من الأفكار و الوسائل و الإبداعات و هذا كله لن يأتي و يحدث إلا بمزيد من التنوع فى الرؤي و الوسائل و الثقافات.

أحدهم يتساءل و يقول : أن هذا الاختلاف الذي يولد تنوعا مطلوبا و مُهما و جميلا ومُمتازا لكنه لا يصح إذا تحدثنا عن علاقات لا تقبل الخلاف كالزواج و أنه من الأفضل أن يكون الرجل و زوجته متفقون فى كل شيء .. بمعني أن يتزوج صاحب الفكر الليبرالي بلبيرالية و العلماني بعلمانية و الاسلامي بإسلامية و المسيحي بمسيحية و هكذا .. بل إن أحدهم يقول أنهم لابد أن يكونوا متفقين فى الألوان المفضلة و الأكلات المفضلة و الموسيقي المفضلة و الكُتب المفضلة والأفلام المفضلة و الرياضة المفضلة و غيره و غيره ...

و هنا أندهش و أتعجب طبعا ... أيها الأحباب لو أننا فتحنا نقاشا حول هذا الأمر فسترانا نتفق و نختلف بهذا الأمر، وهذا لأننا حقا نملك فيما بيننا مساحات من الاتفاق و مساحات من الاختلاف و أننا حقا لسنا قوالب واحدة.

إذا ظن أحدا أنه يجب أن يتزوج بفتاة تشبهه فى كل شيء فهو واهم .. نعم هو واهم لأنه لن يجد من يشبه فى كل شيء .. ما تبحث عنه لم يُخلق بعد و لن يُخلق أبدا .. أنه أمر من السماء و قدر الحياة أن لا يُخلق أحدا مثل أحد.

و إذا ظن أحدا أنه يجب أن يتزوج بفتاة تختلف عنه فى كل شيء و تصبح مساحات الاختلاف أكبر من مساحات التوافق فحياته إما أنها ستصبح نعيما لو استطاع جيدا أن يستثمر هذا التنوع أو أنها ستصبح جحيما إذ لم يستطع.

أعتقد جيدا أن الاختلاف و التوافق يحدث بيننا بشكل نسبي و بلا شك هناك أمورا متعددة متفقون فيها و أمورا نحن فيها مختلفون .. و أهم ما يجب أن نتفق عليه هو أننا مُختلفون، و أننا يجب أن نكون قادرين على أن نحيل هذا الاختلاف لحالة من التنوع تؤدي إلى حالة من التكامل ليُكمل كل منا الآخر و لنصنع حياة سعيدة كلها فرح ومحبة و مودة و سرور.

أنه لابد من مساحة من التوافق و الاتفاق بين طرفي أي علاقة لتبدأ هذه العلاقة و تنشأ و تتكون لكن لابد أيضا من مساحة من الاختلاف و التنوع بين طرفي ذات العلاقة .. هذا الاختلاف و التنوع ضروري ليُولد لنا أفكارا جديدة و إبداعات جديدة و إنجازات جديدة و حتي تتطور هذه العلاقة و تستمر وحتي يجد كل طرف من طرفي العلاقة ما هو جديدة و مُختلف ليُقدمه للآخر و إلا ستتجمد هذه العلاقة و تذبل و قد تموت إلى الأبد .

إذا أردت أن تصنع علاقات لتموت فلتفعلها مع من تجدهم يوافقونك فى كل الأمور و صدقني لن تجد من هم يوافقونك فى كل شيء .. أنه ضرب من ضُروب الخيال.

إذا أردت أن تصنع علاقات لتنمو و تتطور و تزدهر فلتصنع علاقات مع من هم يوافقونك فى بعض الأمور و يختلفون معك في البعض الآخر ..و ستجدهم فيمن حولك بسهولة، إنهم كثيرون، كثيرون جدا.