-
عن الحرية يريدونني أن أكتب، أبتسم و أقول :
- أكتب
ماذا ؟ .. يا عالم .. الحرية إحساس و شعور
قبل أن تكون كلام و حديث ومفهوم، والأحاسيس بطبيعتها أصعب من أن تُكتب .. الأحاسيس
تُحس و لا تُكتب ..
مغامرة
حقا هي محاولة كتابة أحاسيس عن الحرية .. هذا المقال جزء من هذه المغامرة.
-
تأملنا يوكد لنا أن شعوب العالم أجمع إما أنها شعوب محرومة من الحرية فهي تعيش
حالة المُشتاق الملهوف للحرية، أو أنها شعوب مُستمتعة و مُستلذة بالحرية و هي شعوب
ناعمة بالحرية، و للأسف نحن كعرب لا نعيش أي من هاتين الحالتين.
-
ماذاعن شعوبنا العربية ؟
نحن
نعيش حالة انتقالية متوترة و حائرة ما بين الحرمان و النعيم ؛ ربما يُلهمنا الربيع
العربي ما يدفعنا بقوة لنبدأ مرحلة جديدة نستمتع فيها بالحرية.
ما
أود أن أخبركم به أن الثورات وحدها لا تصنع الحرية، و إسقاط الرئيس وحده ليس ضامنا
لبداية حياة الحرية التي نحلم بها ، خطوة مهمة و ضروية لكنها ليست كافية.
- السبب
كما أتصوره أن الحرية إحساس و هذا الأحساس يحتاج لوقت لينشأ و يتكون و يتبلور و
يحتاج أيضا لوقت كافي ليتحول من مجرد إحساس إلى فعل و نشاط و حركة، المدرسة التي
تعلمت بها مدرسة خاصة و تم غلقها من قبل الجهات الأمنية لأنها تُربي تلاميذها على
أفكار تختلف مع أفكار الحاكم، والجامعة التي تعلمت بها كانت تمنعنا من حقنا فى
تكوين الأسر الطلابية، و ممارسة الأنشطة المختلقة، وكانوا يمنعوننا من مجرد
المشاركة فى انتخابات اتحاد الطلاب بل كانوا يُحولونا للتحقيق ويعتقلونا أحيانا،
من أين أذن سنعرف الحرية أو نتعلمها أو نتربي عليها ؟ و أنا و كل المصريين منذ
أكثر من ثلاثين عاما مضت لم نر فى حياتنا انتخابات حرة. كل هذه الممارسات من شأنها
أن تصنع شعوبا لا تعرف الحرية كمفهوم و لم تمارس الحرية كسلوك. وهذا ما نراه واضحا
من سلوكيات وإجراءات تتنافي مع مبادئ الحرية حتي فى مصر الثورة، تجد على سبيل
المثال فصيل يطلب الحرية لنفسه و لكنه فى الوقت ذاته – بدون قصد – يحاول إقصاء
الآخر.
- السبب
الآخر هو حالة الفقر الذي تعيشه معظم شعوبنا، والفقر هنا مهم جدا فهو سبب ونتيجة
فى الوقت ذاته؛ نتيجة لحالة الاستبداد والفساد التي صنعها الحُكام الطُغاة، و سبب
لأن يكون الهمَ الأكبر لهذه الشعوب هو الخبز لا التعليم ولا الحرية، كيف سأكون حرا
و أنا لا أملك قوت يومي؟. و من هنا يمكننا القول أن الذين لا يملكون قوت يومهم لن
يتعلموا أصلاً، و الذين تعلموا بالفعل لم يتعلموا الحرية، واللذين تعلموا الحرية
لم يُمارسوها.
- و
السبب الأخير هو أن من تعلموا الحرية و مارسوها و لو على نطاق محدود لم يصلوا بعد
بأفكارهم عن الحرية وممارستهم عن الحرية لباقي أبناء شعوبهم وعليهم مسئولية كبيرة
اتجاه شعوبهم و عليهم أيضا يبق الأمل مُعلقا.
من
السبب الآخير أري الحل يكمن فى الفئة الأكثر إيجابيه الأكثر مسئولية داخل الشعب
نفسه وعلى قدر صدقها و إخلاصها ستتجاوب معها أغلب فئات الشعب، و هذا ما أره أحد
أهم أسباب نجاح الثورة فى مصر، الثورة تمثل تعبير جماعيا قويا و صريحا مفاده أن
الشعوب قررت أن تكون شعوبا حره و هذا يؤكد الإرادة القوية فى طلب الحرية ، وهذا
يؤكد أن الحل يأتي من الشعب نفسه، الحرية اختيار الشعب أولا و أخيرا.
هذه
الفئة الأكثر إيجابية و الأكثر مسئولية تتحمل بذاتيتها المسئولية الأكبر فى نشر
معاني الحرية وتحويلها إلى ممارسات عملية على أرض الواقع على كل المستويات و في كل
الميادين فى الصحافة والإعلام و السياسة و غيره و غيره.
نحن
الشعوب التي تحلم بالحرية، أمامنا تحدي حقيقي و صعب. و هذا ما يسعدني كثيرا لأنه
سيفجر الطاقات الكامنة بداخلنا و يدفعنا للأمام خاصة مع قناعتنا الواضحة بتلاشي
دور الدولة التي تبين لنا أنها فاسدة ومستبدة و تحتاج لإعادة بناء و هذا يؤكد نفس
المعني القائل بأن الشعوب هي من تصنع الحرية والحرية تصنع أعظم الدول.