الأحد، 29 يوليو 2012

منذ وقت طويل لم أكتب شيئا ..





منذ وقت طويل لم أكتب شيئا .. 
هي خصومة مع الكتابة ..
و طبعا أنا الخاسر الأكبر فى هذه الخصومة .
الحقيقة انها كانت أكبر من مجرد كونها خصومة مع الكتابة ..
هي خصومة لفكرة البوح و التحدث عما يدور بداخلي من أحاسيس و مشاعر و قد أصابها الوهن ..
الأحاسيس لا تموت طبعا ..
 لكنها قد تمر بما هو أشبه بالبيات الشتوي ..
 ذاك الحدث الفسيولوجي الذي تمارسه بعض الكائنات عندما تجد أن الظروف المناخية غير مناسبة .. هذا تماما ما حدث معي .. الظروف لم تكن مناسبة ..
 و هذا ما دفعني لأنسحب ..
و ها أنا أعود .. و التزامن أعود من سفري من بلاد الصين ..
عدت إليك يا بلادي ..
عدت إلي النهر و البحر و صوت الأذآن و عصافير الصباح ..
الصباح هنا ليس كهناك .
هناك العمل يبدأ فى السابعة صباحا و ينتهي فى السادسة مساءا
و هناك يمكنك أن تري العمل و تسمعة بأذنيك و تشمه بأنفك فى كل مكان ..
و مع ذلك ينتابك شعورا حزينا ثائرا محتجا متسائلا و لماذا  لا نكون مثل الصينين فى عملهم ؟
و الإجابة طبعا أصعب من أن نكتبها ..
و أقول فى نفسي يوما ما سنكون مثلهم و أفضل منهم فقط لو أردنا و كانت لدينا الإرداة الكافية لذلك ..
و فى معني الإرادة تكمن أقوي نقاط قوتي ..
و عندما نريد فإننا نسعي و نحقق بفضل الله الذي أوجد فينا قوة الإرادة و التي بها نمضي و نتحمل ونصبر لنصل إلى ما نصبوا إليه ..
و ما أصبوا إليه كما علمني إخواني يجب أن يرتقي و يعلو فوق كل ما هو مادي يُباع و يُشتري و يفني وينتهي .. و هذا ما يدفعني لأقول و أنا أتحدث عن طموحاتي انني أبدا لست جامعا للمال و لا أسعي أبدا  لأكون ثريا أملك خزائن أُعبئ بها المال والكنوز مع أرصدة فى البنوك التي هنا و هناك ..
ما أصبوا إليه يتعلق بالمال فى إدارته و استخدامه لصناعة و انتاج و تنمية و هذا كله فى إطار ما ينسجم مع ما خُلقنا من أجله فى الحياة و هو عبادة الله و عمارة الكون ..
و دائما  أتذكر ما حفظًنا أساتذتنا من أبيات شعر تقول :
 جئنا الدنيا نعلم أنا ما جئنا إلا لنضئ جوانبها و عرفنا الله لنا ربا يهدينا الدرب إذا تُهنا.
و أنا فى بداية جديدة من حياتي يصفني أساتذتي أنني نواة صغيرة لرجل أعمال كبير .. أؤكد لنفسي أولا أنني لست كما يقولون ..
 أنا ببساطة أحاول أن أكون إنسانا ناجحا قادرا على أن ينجح بنفسه و بمجتمعة و بكل ما يحيط به ..
أعني يا رب و أرزقني ذاكرة قوية لأتذكر كل هذه الكلمات كلما أوغلت أكثر و أكثر فى هذا الدرب ..
هذا الدرب .. هذا الطريق .. الذي هو طريقي ..
ها ..
وماذا بعد ..
ها ..
لماذا انسحبت ؟
أجيب على نفسي .. أنا دائما أتحدث معها و أصارحها ..
انسحبت لأني أحسست بإحساس كئيب جدا .. كنت أتوقع أمر ما .. كان لي تصور معين .. و هذا التصور له أصل و شواهد و لكنه فيما بعد لم يكن تصورا صحيحا ولم يكن حقيقيا ..
 كانت تصوراتي أقرب للمثالية الساذجة.
ألا يجب أن نكتئب عندما ندرك أننا نتعامل بسذاجة .. ؟؟
للأسف كان الشعور أسوء مما يتخيله الكثيرون حولي و لعلكم تلاحظون مدي تأثري به حتي أنني أفردت له مكانا و وقتا لأكتب عنه و أُعيد على نفسي ملابساته ومشاهده و أحداثة ..
لكني فى الوقت ذاته أؤكد لنفسي أنه لا داعي للندم ..
 الدعوة الأهم هي للمراجعة لأجل التعلم و التمرن و التمرس      
و هكذا كنت فى حاجة لأن أراجع نفسي مرة أخري ..
و عندما أراجع نفسي ، أدرك جيدا كم هو مهم أولا و أخيرا أن تتفهم الآخريين جيدا جيدا جيدا حتي و إن لم يتفهمك أو يفهمك  الآخريين  ..
و أنا تعذرهم حتي و إن لم تجد سببا واضحا لتعذرهم فقل عسي أن يكون لهم عُذرا ..
و أن تكون فى الوقت ذاته واثقا معتزا بما تحمله من أحاسيس و أفكار و قدرات و لا تنسي فى نفس الوقت أن تعتز بالأخرين و بكل ما يحملوه من أحاسيس و أفكار حتي و إن إختلفوا معك ..
 عليك أن تعتز بهم كما تعتز بنفسك تماما ..
 فى النهاية علاقتك بهم حتي و أن اختلفت معهم لا يجب أبدا أن تكون علاقة تصارع و تشاجر بل هي بالأساس علاقة تكامل و تعاون .
و هذا ما يجعلنا على قدر اكبر و أعلي من الرقي و الارتقاء ..
و المتأمل بسيرة سيدنا محمد صلي الله علية و سلم سيجد ما يؤكد هذا الكلام و أكثر.

7-2012