الأحد، 28 أغسطس 2011

رابطة الألم و الحزن أقوي من روابط الفرح و السرور ..



رابطة الألم و الحزن أقوي من روابط الفرح و السرور ..

ما الجديد فى ذلك ..

الجديد هو ما تكتبه الصحف فى صفحاتها الأولي أن الثوار فى مصر ينظمون مسيرات تضامنية مع ثوار ليبيا و ثوار سوريا يرفعون شعارات تأييد للثورا فى اليمن و اليمن الثائر لا يتنازل عن حقه فى تأييد ثوار تونس الخضراء و مصر النيل و ليبيا المختار ، المحتجون فى مدريد يؤكدون إعجابهم بشباب مصر الذكي. واسرائيل .. اسرائيل الشعب المحتج على سياسات جكومته .. ما أدهشني ما رأيته من مواطنون يهود يؤكدون تضامنهنم مع ثوار مصر بلافته كتبوا عليها

" walk like an Egyptian"

أوما معناه بالعربية أمشي كأنك مصري ... !!

الألم واحد .. شعور واحد .. سلوك واحد .. يتجاوز الحدود و الأوطان و الأجناس و حتي الديانات، وحتي السياسات و الإتفاقيات.

ما معني ان مواطن يهود يبدي إعجابه بآخر مصري بل و يتجاوز بإعجابه هذا إلى حالة من التأييد والتشجيع إلى حالة من الإقتباس أو التقليد ..

التوانسة و المصريين لم يخترعوا هذا الشعور – أقصد شعور الألم و ما يتبعه – و لا حتي الليبين و لا حتي السوريين . هذا شعور إنساني خالص و بشري بحت و لذا فهو شعور عالمي لا حدود له و لا إطار له.

الصحيح أننا نتألم وللألم ذاته أعراض و علامات يسبقها مسببات و يتبعها نتائج ..

كأننا نود أن نقول أن للألم أسباب و نتائج الاولي تسبقة و الثانية تعقبه .

فى أسباب الألم أكتب ...

قديما فى بلاد الأندلس يقولون أن جاسوسا - و أقول أنه باحثا - دخل إلى شوارع الأندلس ليتفقدها فوجد شابا يبكي، سأله عن بكاءه فأخبره الشاب أن بكائه بسبب إخفاقه الشديد في حفظ أحاديث رسول الله فسبقه رفاقه ، دَوّن الباحث ( الجاسوس ) هذا السبب فى مُدونة أفكاره و ذهب وعاد مرة أخري بعد فترة من الزمن يقولون أنه عام ثم عاد ليجد شابا أخر يبكي ، سأله و عرف أنه بكاءه هذه المره لأن أحد رفاقه حقق برمحه أو بسهمه أهدافا صائبة تفوق ما حققه، دَوّن الباحث سبب البكاء و ذهب و عاد بعد أكثر من عام ليجد شابا أخر يبكي، سأله طبعا و عرف أن البكاء هذه المرة بسبب فتاة .. فتاة هي التي أبكته ,, واعدته الفتاة و لم تأتيه فبكي، للمرة الثالثة يسجل الباحث فى مدونته سبب البكاء .. كأنه رسم دائرة وكتب بها سبب البكاء و من الدائرة التي رسمها رسم ثلاثة أسهم بدايتها عند حدود الدائرة .. على السهم الأول كتب السبب الأول : و هو نقص المعرفة و المعرفة هنا أحاديث رسول الله، و على السهم الثاني كتب السبب الثاني : نقص المهارة اللازمة للحرب و القتال، و على السهم الثالث كتب السبب الثالث : نقص المُتعة بإعتبار ان الفتاة هنا كانت تمثل المتعة و فقط .

و كأنني اليوم جاسوس ( باحث ) أتجول فى ميدان التحرير وسط القاهرة و أسأل الشباب : ماذا يوجعكم؟

أو فى بني غازي أو فى ساحة التغيير فى صنعاء أو فى درعا أو فى حمص أو فى تل أبيب ؟

ماذا يوجعكم .. ماذا يؤلمكم ؟

الإجابات التي أنتظرها أعرفها و يعرفها كل متأمل .. ما أود الإشارة إليه هنا هو أن الألم و الوجع و أسبابه سلوك هام جدا يتجاوز الأهمية الشخصية و يأخد أهمية إجتماعية لها دور مؤثر فى حياة الشعوب و الأمم والدول و الحضارات و النهضات.

بكل صراحة أنا لا أعترض على ألم يكون السبب في الألم هو نقص المُتعة ولا أعترض أبدا لأن واحد واعدته فتاة ثم أخلفت فيما واعدته، من حقه أن يتألم و من حقه أن أيضا أن يعبر عن ألمه .. الألم حق للجميع كالماء و الهواء و الطعام و القراءة و المعرفة.

نحن هنا بصدد رصد أسباب الألم و من خلالها سنرصد أسباب ما نحن فيه ، أسباب ما وصلنا إليه.

الذي يتألم بسبب نقص الحرية ليس كالذي يتألم لنقصه إلى المعرفه ليس كالذي يتألم لنقصه لمهارات الحرب و القتال ليس كالذي يتألم لحاجته إلى المتعة أو الشهوة ليس كالذي يتألم لنقص الخبز.

الانسان المتألم لحاجته إلى المعرفة بلا شك هو إنسان يدرك و يعي و يفهم أهمية المعرفه لذا فهو يتألم لفقده لها و هو فى الوقت ذاته فى نضاله للحصول على المعرفة بقدر تألمه من نقصها..

و المتألم لنقص مهاراته الحرب و القتال هو فى الأصل مُحارب أو فى طريقه ليصبح مُحاربا..

و المتألم بسبب افتقاده لفتاة هو فى حاجه إلى فتاة و يناضل من أجل فتاة .. و أنا أيضا أفتقد لفتاة و على استعداد لأناضل و أكافح لأحصل على فتاة لكن الفتاة عندي ليست متعة و حسب .. الفتاة عندي حب و عاطفة و شعور و سكن و بيت و وفاء و نجاح و تغير و نهضة و أمجاد.

أعود و أقول أن من ألآمنا تتحدد إهتماماتنا و عليها تتحدد بوصلة نضالنا و كفاحنا و إذا كانت بوصلة نضالنا تتجه نحو المعرفة فحتما حتما سنصير روادا للمعرفة و إن كانت بوصة نضالنا تتجه نحو الحرية فسنكون أحرار .

دعونا نتألم .. دعونا نمارس الألم كسلوك .. دعونا نُحدد فيما سيكون نضالنا .. دعونا نُكافح.

رابطة الألم و الحزن أقوي من روابط الفرح و السرور .. ربما يكون هذا تفسيرا منطقيا لكبر حجم ركن الوفيات الذي يفوق أضعاف أضعاف ركن التهاني فى أهرام الجمعة أو حتي أخبار اليوم يوم السبت ، نحن نتعاطف أكثر مع الألم أكثر مما نتعاطف مع الفرح ، و أعدانا فى سرادق العزاء و عند أماكن تشيع الجنائز تفوق أعدادنا فى قاعات الأفراح.

ربما لأن الألم أكثر عاطفية من الفرح و لربما لأن لحظات البكاء أكثر من لحظات الضحك أوكما يقول جبران خليل جبران أنك قد تنسي الذي ضحكت معه لكنك لا تنسي الذي بكيت معه.

فى المرة القادمة سأكتب عن نتائج الألم ... إن شاء الله