الخميس، 3 يناير 2013

و هذه أحد أحلامي و أمنياتي ..



فى الطريق إلي هناك
مطبات صناعية و رجال مرور
يتأكدون أنك حقا تحمل تراخيص القيادة ..
و العجيب انهم أحيانا يتأكدون انك لا تحمل أية تراخيص .. و يتركوك تمضي لحالك !
و هناك أيضا يتركوك و يختارون غيرك ليعينوهم فى المناصب الحكومية البارزة .. وكلما كنت فقيرا كلما تركوك ..!!
و طالما أنك لا تملك الواسطة و لا لديك المحسوبية فسيتركوك ..
و إن كنت معارضا أو على الأقل تحمل فكرا غير فكرهم فتأكد أنهم سيتركوك ..
 أرح نفسك و استرح و لا تتقدم من البداية لشغل مثل هذه الوظائف حتي لا تضيع وقتك ..
 اللذين تقدموا كان مصيرهم مثل مصيري أنا .. أكتب متحسرا ما حدث .. أقصد ما أوجعني .
فى بلادنا يستطيع القاضي أن يمسح دموع ابنته لأنها لم تستطع الحصول علي درجات تؤهلها من دخول كلية الطب أو الصيدلية أو الهندسة و يقول لها بكل ثقة و هو يدخن سيجاره الأجنبي :
- لا تقلقي .. ستكونين قاضية .. !!
و تصبح و يصبح أمثالها من أبناء القضاة فيما بعد وكلاء نيابة و مستشاريين ثم قضاة.
فى بلادنا أصبحت الورقة التي تُثبت أنك أو أنكِ ابن أو ابنة أحد القضاة هي الورقة الأكثر أهمية لتحجز مقعدك بين القضاة و تصبح قاضيا ..
 يا لحماقتنا .. نحن شعب أحمق .. لا لا لا .. نحن شعب أصيل لكن من يحكمونا هم الحمقي .. و هذا هو ما أدي لما نحن فيه ..
لا أخجل أبدا أن أقول هذا .. هذه الحقيقة و هذا هو الواقع .. أنه واقعنا نحن .. و سيسجل بأسمائنا نحن.
مثل هذا السلوك الذي قد يستهين به  كل من  يمارسه أو يسعي فيه و يعتبره بسيطا هو فى الحقيقة له مردود واضح ومؤلم فى هذا المجتمع .. الذي هو مجتمعنا نحن .
المجتمع الذي نعيش فيه مجتمع لا عدل فية .. فلم يعد ضروريا حتي تكون قاضيا أن تكون متفوقا فى القانون وعلومه ولا حتي نابغا فى علوم الاجتماع و الشعوب والتاريخ و لا مثقفا مُلما بثقافة المجتمع الذي ستكون أنت قاضيه و الحاكم فية بين الصواب و الخطأ و المقرر فيه للواجبات و الضامن فية للحقوق و العادل فيه بما يصلح العباد و البلاد.
و هذه البلاد التي لا عدل فيها !! إنها بلدي انا ..
 يا له من شعور مؤلم وموجع ان لا تشعر بالعدل فى بلدك ..
إن البديهي عندنا و فى كل الدنيا أن الفرد المكافح المجتهد الذي يصبر و يتحمل و يتعلم أكثر هو الأحق بالوظيفة الأفضل و المكانة الأفضل و أن من حقة أن يختار الزوجة التي يريدها  و أنه لزاما و ضروريا على المجتمع الذي يعيش فيه أن يضمن له كل ما سبق .. لكن كيف يتحقق هذا إن لم يوجد العدل ..
لن يهنأ هذا المجتمع بالحب و لا بالسعادة ..
هو مجتمع تعيس .. تعيس جدا و الحقد هنا فى هذا المجتمع يملأ الشوراع و الحارات ...
الحارات الضيقة وما بها من بيوت بسيطة متواضعة متهالكة لن تهدأ أبدا فبين جوانبها يتخرج المكافحون المجتهدون ليحصلوا على أعلى الدرجات و الشهادات لكنهم لا يتقلدون الوظائف المرموقة لأنهم  أبناء الموظفين و العمال والفلاحين الفقراء .. لا واسطة لهم و لا محسوبية بهم .
وطن لا عدل فيه هو ليس وطن و لا حتي نصف وطن ..
و لذا تري مثل هذه الأوطان هي أوطان تلفظ مواطنيها و كأنها تطردهم .. النبغاء هنا مطاردون .. مهاجرون و هذا فى علم الاجتماع وطن بائس سقيم يفر منه أغلي ما فية و يستحكره أحقر ما فيه ..
أذكر يوما أن كنت أسير على حافة النهر .. أسير إلى أن توقفت و اخذت أتأمل ما بالنهر .. أتأمل المياة و ما بها
و كيف تتحرك و تنساب مع الرياح و تجري كأنها فى سباق لا يتوقف .. توقفت و ياليتني لم أتوقف لأني حينها لمحت رجلا يقف بالقرب مني .. يقف كوقفتي تماما .. لكنه كان غارقا فى دموعه .. و بمنديل مهلهل يمسح فى دموعه التي كانت تنهمر بشدة .. و فى ذات المساء كنت أكتب عنه و عن حاله الذي أوجعني ..
 إن الدموع مهما سالت و انهمرت و صارت كالمطر لا تستطيع بأي حال من الأحوال ان تعبر عن شعور العجز الذي كان يملأ وجدان هذا الرجل ..
هنا أنت عاجز .. تماما مثل هذا الرجل .. عاجز أن تحصل على حقك ..
عاجز أن تحصل علي المكانة التي تستحقها ليس لأنك لا تملك المعرفة و المهارة التي تؤهلك لما تريدها ؛و لكن لأنك وبوضوح لا تملك الواسطة ..
لو كان الفقر رجلا لقتله سيدنا علي بن أبي طالب و لو كانت الواسطة رجلا لقتلته أنا و قتلت أمه و قتلت أباه ..
                            أريد وطنا بلا واسطة .. بلا محسوبية ..
                                                       و هذه أحد أحلامي و أمنياتي ..  





         

ليست هناك تعليقات: